الجزء الثالث والختام من صدمة العمر
بقلم
نشوة أبوالوفا
مر اليوم، استيقظت لا قِبل لها بالخروج تريد الراحة اليوم، غضب سادن فمن المفترض أنها ستسافر معه لندن لإنهاء بعض الاعمال، ولكنه تركها على راحتها لتريح أعصابها بعد أن عصفت بها ذكرياتها مع أهلها بزيارتها للڨيلا، غادرها سادن. خرجت لشرفتها تلتمس نسمات الهواء العليل وفتحت الدفتر الوردي وهي تظن أنه مذكرات والدتها الغالية لكن في أولي صفحاته وجدت مكتوبًا
“مذكرات واصف قاهر النساء”
عجبًا إنها مذكرات والدها، كادت أن تلقي بها في سلة القمامة فلا حاجة لها بمعرفة تفاصيل علاقات والدها الغرامية، لكن هاتفًا داخليًا طلب منها أن تقرأ ربما فهمت دوافعه، أو ربما وجدت كلامًا جميلًا عن ذكريات طفولتها معه، بدأت القراءة، لن تنسى أبدا كمية المشاعر التي اجتاحتها وقت قراءتها للمذكرات، خليط من الدهشة، تعجب، اشمئزاز، إعصار هادر من مشاعر مختلفة لم تستطع الصمود أمام ما قرأته، فهرعت لدورة المياه لتفرغ ما في جوفها عل ذلك يزيل عنها هول ما قرأته، لكن هيهات لقد التصق بعقلها ولا فكاك، ترتسم الكلمات أمامها
والدها الذي كانت تظن أن أكبر جرائره أنه زير النساء، اكتشفت أنه ليس مجرد زير نساء أو متعدد العلاقات الغرامية
إن والدها قاتل ومغتصب
بالاشتراك مع سادن يكونان فريقًا اجراميًا ويصوران الضحية ويبيعان الأشرطة لمواقع إباحية وهذا مصدر الأموال التي دفعها سادن لعمها، بل إنهما أيضا يبيعان بعض أعضاء الضحايا وما وجدته في الدرج الخفي تذكارات كان والدها يأخذها منهن، أما سادن فهو يحتفظ بملابسهن الداخلية في متحفه الخاص هكذا كتب والدها،
بدأت هوايته بالاغتصاب والقتل في بلدته، ولما كُشف تركها وغادر إلى لبنان، تعرف هناك على سادن واشتركا في هذه الهواية الممتعة كما يقول واصف.
لقد كان واصف مبتدأ بالنسبة لسادن، كان مكشوفًا بحبه للنساء وسعيه خلفهن، أما سادن لم يكن يظهر عليه أنه يهتم بهن أبدًا، كانا يختاران ضحية بلا أقارب، يلقي واصف شباكه عليها، ويصحبها لمكانهم المعزول بالجبل، إذا وافقت صور الفيلم برضاها أولًا، وتؤخذ العينات للتحليل ثم تبدأ حفلة المتعة كما يسميها سادن، السلخ والتقطيع يحتفظان بالقرنية والأجزاء الصالحة للبيع ويعبثان بالباقي.
كانت هواية سادن أن يستأصل الأجزاء الصالحة للبيع وهن مستيقظات بلا بنج، فقط مخدر لشل الحركة كن يشعرن ولا يصرخن، لم يكن هذا يعجب سادن فهو يستمتع بالصراخ، بعد فتره امتلأت حديقة المكان بالجثث، فكان لا بد من نقل العمل لمكان آخر، ڨيلا سادن بالقاهرة والتي جهزها بقبو عازل للصوت ليستمتع سادن بالصراخ كما يحلو له ونقل مسرح العمليات لهناك.
كانت في صدمة لم تتوقعها أبدًا، ليس والدها فقط، سادن أيضًا صدمت به صدمة عمرها، إنه ملاك، قمة الرجولة والاحترام، يا لمصيبتها إنه الآن زوجها رسميًا، ما هذه الورطة؟
لم تعرف ماذا تفعل وضعت الدفتر بحقيبتها وقررت النزول للقبو نزلت لتجد الغبار يكسو المكان وبه الكثير من الأثاث الذي لا يحتاجون له ملقى هنا وهناك، وفي أثناء بحثها لفت نظرها في الأرضية جزء كان مغطى لكن طرف السجادة كان مزاحًا قليلًا فظهر جزء من مفصل فأزاحت السجادة لتجد باب، فتحته لتنزل سلمًا ثم وجدت نفسها أمام مساحة خالية إلا من واجهة زجاجية تحتل مكانًا كبيرًا مرصوص بها أطقم ملابس داخليه، ثم وجدت باب آخر ففتحته لتجد نفسها في مكان واسع مجهز بسرير ويوجد كاميرات موجهه للسرير، وفي جانب آخر يوجد طاوله كطاولات التشريح ووجدت عليها خادمتها التي ظنت أنها هربت مع حبيبها، اقتربت منها لتجد أنها ميته ومفتوحة البطن، كادت أن تتقيأ لكن لم تدر من أين أتتها القوة ورباطة الجأش، صورت كل شيء وغادرت المكان متجه إلى الشرطة، إلى صديق دالي أيهم.
طلبت مقابلته لأمر ضروري
دخلت له، رحب بها أيهم وكان في غاية الفرح والسرور
– كنتُ على وشك الاتصال بك، لدي خبر يهمك كثيرًا، لكن ما بك؟ لماذا ترتجفين هكذا؟ أيا كان ما أصابك اهدئي.
– لدي ما أخبرك به.
قالتها بتوتر
قال بسرور:
– لا، ما لدي أنا أهم، انتظري هنا فقط.
خرج أيهم، كانت هي مضطربة، بعد قليل فتح الباب لتسمع آخر صوت تتوقع أن تسمعه بالدنيا صوت دالي
– أخيرًا يا حب العمر.
التفتت ريفال لتجد نفسها تقف أمام دالي ليس حلمًا ولا تهيؤات إنه هنا أمامها، مدت يدها تلمس وجهه ثم سقطت مغشيًا عليها، أفاقت لتجده بجوارها، أخذت تتلمس وجهه ثم ارتمت في حضنه.
احتضنها بقوة وقال:
– يجب أن تبتعدي عن حضني، وإلا أنا غير مسؤول عما سيحدث.
وضحك وأبعدها برقه عن حضنه لكنه ظل ممسكًا بيديها كانت تتأمل ملامحه جيدًا وما زالت تتلمس وجهه، قال ناظرًا في عيناها:
– هل ستظلين صامتة هكذا؟
فأومأت برأسها، فقال:
– حسنًا سأحكي لك ما حدث، أصيب المركب الذي كنت على متنه وغرق، كان التيار شديدًا، أفقت لأجد أنني في معتقل إسرائيلي، لا داع لتعرفي التفاصيل، لكني حُررت في عمليه تبادل للأسرى، حين فُقدت لم يكن هناك خبر أكيد على كوني ما زلت حيًا، لذلك أعلن خبر وفاتي، أعلم أنك بالتأكيد عانيت الكثير، أنا لم أعد سوى البارحة مساءً، وكنت قادمًا اليوم لرؤيتك، ما زلت أحبك وأعلم أن المدة طويلة، لكني ما زلت أريدك.
رويتُ له ما حدث وقصصت عليه كل ما عرفته عن والدي وسادن وأعطيته الدفتر وجعلته يشاهد الصور التي صورتها، توجه معي للنائب العام ووضعنا بين يده كل شيء، توجهت قوة في الحال للڨيلا وتأكدوا من صحة ما رويته وصورته، صدر أمر بالقبض على سادن، لكنه للأسف سافر إلى لندن، حيث لا توجد اتفاقيه تسليم مجرمين، استمرت التحقيقات فترة واستخرجت الجثث من حديقة الفيلا، وسَلمتُ ما كان في الدرج السري، كما سلمت الأموال التي اعطاها لي سادن.
كان دالي بجواري ولا يتركني إلا عند النوم، حجزت في فندق بعد يومان جاءني ظرف على الفندق ووجدت فيه خطابًا من سادن
” تحفتي القادمة ريفال
استأت كثيرًا مما فعلتيه، لم أكن أتوقع أن تقومي بالإبلاغ عني، كنت سأعدك لتكوني مساعدتي بدلًا من والدك، لكن لا يهم، تمتعي قليلًا بحياتك، لقد طلقتك وأرسلت لك ورقة الطلاق، باستطاعتك الزواج، لكني عزيزتي لا أستطيع أن أتركك تفلتي بدون عقاب، يجب أن أضمك لمجموعتي الجميلة، لكن لن أخبرك متى ستكونين لي، لن أنعم عليك بمعرفة متى ستكونين تحت رحمة نزواتي وتحت مشرطي، أنتِ من دفعني لهذا، حاولت كثيرًا أن أتناسى شكلك المغري في ذلك القميص الأسود لكن لم أستطع، بالمناسبة لا تبحثي عنه فهو معي
حبيبك المخلص ومخلصك من عذاب الدنيا قريبًا
سـادن”
صرختُ، كان دالي في دورة المياه، جاء على إثر صرختي فأريته الخطاب، أخذ يهدأ من روعي وأخبرني أنني تحت حمايته ولن يستطيع سادن الوصول لي أبدًا.
مرت عدة شهور…
في البداية كنتُ دائمًا خائفة مضطربة، أستيقظ على كوابيس، بعد فترة بدأت في التحسن وتزوجت دالي وسافرنا لقضاء شهر العسل.
ابتسمت متذكرة مغامراتنا وسهراتنا واللعب في المياه، حقًا دالي يغمرني بالحب والحنان، عدنا وبعد يومين رن الجرس لأجد مظروفًا تحت الباب، حملته ودخلت غرفتي وفتحته لأجد صوري ودالي لشهر العسل ومكتوب خلفها
” مع تمنياتي بالسعادة المؤقتة، اقترب موعد لقائنا، قميصك الأسود بانتظارك”
انهرت ودالي ظل دائمًا معي، حجز لي موعدًا مع الطبيبة، فلقد ساءت حالتي النفسية جدًا، أوصلني وجلس ينتظرني بالخارج.
تذكرت ما رواه لي دالي
جاءت العاملة وقدمت له العصير وأدخلته للطبيبة ولي كالعادة، بعد قليل أفاق دالي ليجد نفسه جالسًا على الأريكة، فنظر للساعة فوجد قد مر ما يقارب الساعتين، فطرق الباب لم يجد ردًا وفتح الباب، لم يجدني لا أنا ولا الطبيبة، ووجد العاملة بالخارج ما زالت نائمه وكذلك رجلي الحراسة، أصابه الجنون وأخذ يجري اتصالاته وتحقيقاته.
اكتشفوا أن العصير كان به منوم، بحثوا في كاميرات المراقبة ليكتشفوا خروج سيدتين ترتديان نفس ملابس الطبيبة وملابسي بصحبة رجل يربط وجهه بالشاش،
لكن ملامح السيدتين غير ظاهره بالكاميرات وبديتا خائفتين من حركات جسديهما، كان المنوم مخلوطًا بكامل بودرة العصير داخل الكيس، لم يتوصلوا لمن وضعه، كان شك دالي متجهًا للعاملة وكثف الحراسة السرية عليها وراقب هاتفها.
أما أنا والطبيبة استيقظنا لنجد نفسينا في غرفة مقيدتين ومكممتين وأمامنا يقف سادن ينظر لنا بنظرات تفيض رغبة وانتصار:
– مرحبا يا صغيرتي، لقد اشتقت لكِ، لم يستطع فتاك أن يحميك مني، لن يثبت أن العاملة هي من وضعت المنوم بالعصير فالمنوم مخلوط بكامل الكيس، وهي أدت دورها كاملًا وستخبرني بما يستجد معها، إنهم يظنون أنكما خرجتما من العمارة مع رجل ما، ولن يتوقعوا أنكما ما زلتما هنا في الدور العلوي بالعمارة، في شقة حسن العجوز الذي يعيش وحيدًا، لقد استأجرت الشقة وأقيم بها منذ فترة في هيئة ذلك العجوز.
وضحك ضحكه مطوله:
– كنتِ تحت نظري طوال الوقت يا صغيرتي، فأنا لم أستطع الابتعاد عنك، لكن يجب أن يكون لك احتفال خاص، اسمعي سأعطيك خيارًا لأنك حقًا تعجبينني، ما رأيك أن تكوني أنت يدي اليمنى ومساعدتي بدلًا من والدك، صدقيني ستستمتعين، ربما كنتِ قاتلة محترفة لكنك لم تكتشفي ذلك في نفسك بعد سأساعدك على اكتشافه، ما رأيك؟ هل تكونين الضحية؟ أم الجلاد؟
لكن يجب أن تكوني لي أولًا قبل أن تكوني الجلاد، يجب أن أشبع شغفي بك في ذلك القميص الأسود أولًا مهما كان اختيارك، والآن هل توافقين على أن تكوني ملكتي وساعدي الأيمن.
فهززت رأسي بلا
فقال غاضبًا:
– أنت اخترتِ، لا تنسي هذا، لكن اطمئني لن تموتي بسهوله أبدًا، طريقنا طويل سويًا، ستشاهدين مهارتي في العمل الآن مع هذه الطبيبة الجميلة.
حقن الطبيبة بعقار ما، ذلك العقار شل قدرتها علي الحركة والصراخ لكي لا ينتبه أحد، وحقنني أنا الأخرى بالعقار قائلًا:
– وهذا لك لتشاهدي بهدوء.
ثم نزع قيودنا ومدد جسدينا على سرير وأدار وجهي ناحية السرير المجاور لي لأشاهد ما سيحدث.
سادن اعتدى على الطبيبة أولًا، كنت أشاهد مرغمة حاولت إغماض عيناي لكن حتى رموشي لم تستجب لي، كنت أشاهد ألم الطبيبة في عيناها فوجه الطبيبة كان موجهًا لي، يا ويلي من حجم الألم في عينيها، لن أنسى تلك النظرات أبدًا ما حييت.
بعد أن أنهى الاعتداء عليها، بدأ في عمله والابتسامة مرتسمة على شفتيه، فتح بطنها وأخرج قلبها وكبدها وقرنيتاها ووضعهما في حاوية خاصة، ثم تنكر في هيئة العجوز حسن وأوصل ذراعي بمصل مغذي، وغادر وتركني مع جثة الطبيبة.
كنت مذعورة قلبي قبل جسدي يرتجف خوفًا، استسلمت تمامًا، سلمت أمري بأني سأموت، ويا لها من ميتة بشعة.
بعد فترة لم أعرف مدتها، عاد سادن
– عزيزتي لم أتأخر عليكِ، تخلصنا من أجزاء الطبيبة، الآن يجب أن أنهي عملي معك يا صغيرتي، كنت أتمنى أن أسمع صراخك لأستمتع، لكن ما باليد حيلة ففتاكِ يكثف الحراسة والمراقبة انتظري لأهاتف العاملة لأعرف آخر ما حدث.
هاتف العاملة
وعلم منها أن دالي وجه شكه للعمال في السوبر ماركت حيث اشترت بودرة العصير وأنه لم يعد يشك بها، بل إنه طيب خاطرها وأعطاها مالًا لتأتي بعشاء لأطفالها، أنهى اتصاله معها، ونظر لي:
– الآن هيا لنبدأ في الاحتفال.
حقنني بجرعة أخرى من العقار وخلع عني ملابسي بلا أي شعور ظاهر منه كأنه جماد، أما أنا فكنت أصرخ بلا صوت، كنت أبكي بلا دموع، كنت أموت، أحسست كأنني تحطمت كما قطع الفسيفساء، أضحيت مجرد أشلاء روح، وسأضحو الآن أشلاء جسد، ألبسني ذلك القميص الأسود، وبعد أن ألبسني إياه تحولت نظرته تمامًا من الفراغ إلى نظرة ممتلئة بالرغبة وعيناه تلتهماني التهامًا:
– عزيزتي أخيرًا سأرتوي منك.
في هذه اللحظة فتح دالي باب الغرفة ومعه الشرطة وأمسكوه، احتضنني دالي وناوله أيهم ملاءه ليغطيني بها، كنت غير مصدقه، كنت في عالم آخر، وكان سادن في غاية الغضب، أتذكر صياحه:
– اتركوني أيها الأوغاد يجب أن أنالها، ستكون هي تحفتي الفنية سأفرغ جوفها تمامًا اتركوني.
أمسك أيهم دالي ومنعه من قتل سادن، حملني دالي وتوجه بي للمشفى، اطمئن عليَّ وأنني لم أتعرض للاعتداء، جاءه أيهم ليخبره أن سادن أثناء التحقيق بعد أن فك المحقق يديه غافلهم وابتلع سمًا كان بخاتم يرتديه وتوفي في الحال.
فور انتهاء مفعول العقار أخذت أصرخ وأصرخ وأصرخ بأعلى صوت لي، كنت في حال يرثى لها، دالي كان بجواري وظل هكذا إلى أن تحسنت، ظلت فترة طويلة أتعالج نفسيًا، إلى أن شفيت، أخذني وسافرنا إلى لبنان لأريح أعصابي بين ربوع الجبل، حاول دالي أن ينسيني ما حدث لي وما عانيته قدر ما استطاع، ومرت الأيام علينا، ظللنا هناك لمدة شهر ثم عدنا لمصر وعاد دالي لعمله.
اكتشفت أني حامل..
جهزت عشاءً رومانسيًا لدالي وبعد تناول العشاء قدمت له طبق الحلوى وبجانبه طبق صغير عليه اختبار للحمل وبجواره كرت صغير مكتوب به انتظرني يا أبي،
حملني دالي ودار بي وكانت فرحته لا توصف وكذلك فرحتي، كان يهتم بي جدًا ويدللني ويحنو عليً لينسيني كل السوء الذي مررت به، في يوم الولادة وضعت فتاة غاية في الجمال أصبحت هي محور حياتنا وعشنا في سعادة.
تنهدت لأخرج من ذلك الكم الهائل من الذكريات الصعبة، وتوجهت للداخل، انظر بحب لصغيرتي ولدالي، النائمان بهدوء.
تمت بحمد الله
#نشوه_أبوالوفا
#nashwa_aboalwafa