(٥١) أوديب ،،٢٠٢٥،، الملك فى حالة قلق
(٥١) أوديب ،،٢٠٢٥،، الملك فى حالة قلق
بقلم المستشار// حمدى بهاء الدين
أثناء تشييع إحدى الجنازات والملك فى المقابر رغب أن يزور قبر والده ، أراد أن يلتقي به وهو تحت التراب بجسد لا يستطيع الحركة وروحه تحوم حول المكان وذكرياته تملأ ذاكرته ، عيناه تراه أمامها وأذنه ينتاها إلى سمعها صوته يملأ وجدانه وكأنه يرافقه ولم يفارقه ، يشعر بيده وهي تمسك به تهديه إلى الطريق ونصائحه ترشده إلى الصواب ، يشعر بذراعيه تضمه وحضنه الدافئ يحتويه ، يشعر أوامره تقول له افعل ولا تفعل ، يشعر بفرحه حين ينجح وحزنه حين يفشل أو يسقط ، كل تضحياته شاخصة أمام عينيه
وحال الملك على هذا الحالة وجد نفسه يترك الجنازة ويتوجه نحو قبر والده ، وجد نفسه يفتش بين القبور عن قبر والده لعله يلاقيه فوجد نفسه فى متاهة وكلما ظن أنه عثر على القبر لم يجده ولم يصل إليه وكأن والده رحل عنه حيا وميتا وكأن والده غاب ولن يعود ، لن يلاقيه حتى وهو في عداد الموتى وكأن والده تخلي عنه إلى ما لا نهاية هنا توتر الملك وتسرب إلى روحه القلق وهيمنت عليه الحيرة وتساءل فى صمت هل والده راض عنه ؟ أم يرفضه ويرفض لقاءه ؟ الأمر جعله يتشكك هل كان ابن عاق أم كان بار بوالده ؟ كم يخشى الإجابة ، كم يخشى أن يكون ابن عاق ، هل جهله بمكان قبر والده كان عن جهل أو إهمال ؟ أم هى حالة عارضة لزيادة مساحة المقابر وزيادة عدد القبور فتشابهت كما تتشابه أمور كثيرة فى هذا الزمان ؟
الملك يحتاج إلى والده ولو كان ميتا ، يحتاج إلى سند يحميه ويرشده ويوجهه ، يريد حصن عال يختبأ فيه من الحزن واليأس والهزيمة كما كان دوما حال حياته ، يريد من يحبه بحق بلا غرض بلا غاية بلا مقابل بلا مساومة بلا إبتزاز
الملك يريد أن يجلس أمام قبر أبيه يحدثه بلا حرج ويشكو إليه حاله بلا قلق ، يريد أن يفضي إليه بأسراره التى تراكمت وتكاثرت وأصبحت لا تطاق ، ينوء عن حملها وحده من ثم أراد أن يكون رفقه والده ولو كان ميت وكل ما يخشاه الملك أن يكون والده غير راض عنه ، غاضب عليه
# بقلم حمدى بهاء الدين