(٧٤) أوديب ،، ٢٠٢٥،، الملك فى كابوس
بقلم حمدى بهاء الدين
لقد أصبح الملك تائها لا يدرى أى طريق يسلك ، لم يعد يعرف ما إذا كان على صواب أو خطأ ، لم يعد يعرف ما إذا كان على حق فى شكه أم تلك ضلالات ، ما إذا كان على حق فى ظنه أم تلك خيالات ، لا يدرى هل كانت ثقته فى محلها أم كانت خطئه الأكبر لقد أرهقه التفكير وقتله القلق وهزمته الحيرة ، لقد أصبح غارق فى القلق متأذى متألم موجوع نازف حتى أخر قطرة من سكينته ، مبعثر الى أخر ذرة من أفكاره
أصبح فى غيبوبة بين غياب الوعي وبين الإفاقة يقوم يترنح كمن يتخطبه الشيطان من المس ، يتساءل هل ما يعانيه من شك واقع أم وهم ، حقيقة أم مجرد تقلبات نفسية وأوهام فكرية من سوء تصرف أو عدم حسن تدبير أو من عقد نفسية كامنة فى العقل الباطن عنده أو عند من حوله يتساءل فى حسرة هل يمكن أن يخون هؤلاء أم ان تلك التصرفات هى تصرفات عفوية بدون سوء نية ، بدون سوء قصد ، مجرد تصرفات عفوية فرضتها الظروف والأحداث وأن الأمر بسيط ومقبول ولا يحتمل الشك أو الظن ؟ لقد أصبح أكثر حساسية ، أكثر تساؤلا ونبشا وتدقيقا واستفسارا وتفسيرا لم يعد يقنع بالإجابات المختصرة ولا التبريرات المبتسرة ، لقد كان واثق كل الثقة ، مطمئن كل الإطمئنان لأنهم كانوا فى نظره ملائكة فوق مستوى الشك والظن ، يشك فى نفسه ولا يشك فيهم ، يظن فى نفسه ولا يظن بهم وتلك هى الفاجعة ومن هنا كانت قسوة الطعنة وخيبة الأمل واهتزاز الروح وفقد الثقة فى الذات وفى الغير مع كثرة الإنكار وكثرة التبرير ، مع كشف الخفي وثبوت الكذب ، مع تصرفات مريبة تحتمل التأويل
والملك وسط ذلك كله يحترق إلى حد التفحم ، ينزف حتى الموت ، يتألم حتى الصراخ كل أمنيته أن يكون الأمر مؤقت ، أن يكون مجرد كابوس مزعج يفيق منه قريبا بعد تلك الليلة الباردة المؤلمة شديدة القسوة والظلمة بعدها يسترد وعيه وترحل ظنونه ويخيب شكه وتعود إليه ثقته فى نفسه وثقته فى هؤلاء فهل ما يعانيه الملك واقع أم كابوس ؟
# بقلم حمدى بهاء الدين