الثقافة العامة

“الذكاء العاطفي المهارة المنسية في العلاقات والمواقف اليومية”

د. رضا علي عطية يكتب:

في خضم الانشغال بالتحصيل الدراسي، والمهارات التقنية، والبحث عن الإنجاز، غالبًا ما يغيب عن الوعي العام نوعٌ آخر من الذكاء، لا يقل أهمية عن الذكاء العقلي (IQ)، بل قد يتفوق عليه في تحديد جودة حياة الإنسان ونجاحه الشخصي والمهني. إنه الذكاء العاطفي (Emotional Intelligence – EI).

ما هو الذكاء العاطفي؟

يُعرف الذكاء العاطفي بأنه القدرة على التعرف على المشاعر الذاتية وفهمها، وإدارة هذه المشاعر بفعالية، إلى جانب القدرة على فهم مشاعر الآخرين والتفاعل معها بطريقة واعية ومتكاملة.
وقد عرّفه دانيال جولمان، أحد رواد هذا المجال، بأنه يتكون من خمسة أبعاد رئيسية:

1. الوعي الذاتي

2. إدارة الذات

3. التحفيز الداخلي

4. التعاطف

5. المهارات الاجتماعية

 

لماذا هو مهم؟

يساعد الفرد على اتخاذ قرارات أكثر اتزانًا.

يعزز من جودة العلاقات الأسرية والمهنية.

يقلل من التوتر والنزاعات.

يرفع من قدرة الإنسان على القيادة والتأثير.
في حياتنا اليومية… أين يظهر الذكاء العاطفي؟

في قدرتك على التريث قبل الرد أثناء الغضب.

في تعاطفك مع شخص يمر بضيق دون التقليل من مشاعره.

في وعيك بأنك مرهق نفسيًا، واتخاذ قرار بالراحة لا الإهمال.

في قدرتك على التعبير عن احتياجاتك دون إيذاء الآخر.

كيف نطوره؟

1. مراقبة الذات: التوقف من حين لآخر لملاحظة ما نشعر به ولماذا.

2. تسمية المشاعر: بدلاً من قول “أنا مضغوط”، اسأل نفسك: هل هو قلق؟ غضب؟ خيبة أمل؟

3. التعاطف الواعي: أن تفهم الآخر دون أن تذوب فيه.

4. التواصل الإيجابي: استخدام لغة واضحة، ومهارات الاستماع النشط.

5. التحكم في الانفعالات: تعلم تقنيات التنفس، إعادة التقييم المعرفي، والمواجهة الذكية.

 

الذكاء العاطفي ليس ضعفًا

على عكس الفكرة السائدة، الذكاء العاطفي لا يعني الانقياد خلف العاطفة، بل هو القدرة على استخدام العاطفة بوعي يخدم الهدف دون أن يسيطر علينا.

خاتمة

في عالم يزداد تعقيدًا وتنافسًا، يظل الذكاء العاطفي هو البوصلة التي تضمن للإنسان أن يسير بثبات في علاقاته، وتواصله، وقراراته. فربما آن الأوان لنعلّمه كما نُعلّم القراءة والكتابة.
✍️
د. رضا علي عطية
استشاري نفسي وأسري – مدرب دولي معتمد
عضو في عدد من الهيئات المتخصصة في الصحة النفسية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى