الادب والقصه

صوت العقل يحاكي المستحيل

بقلم
محمد ابراهيم الشقيفي

ربما يسرح خيال المرء، ويتكأ على مقعد الظل، ويعتقد أن بإمكانه تحقيق المحال، لكن اجتياز التجربة، وإن لم ينجح العقل فى استيعابها، هو بداية تصحيح للمفاهيم، لكن كفي بالمرء أنه انتصر على علامات الاستفهام، و نال شرف المحاولة، اعتنق فكراً مختلف، أظن أنه سيحظى يوماً باحترام الجميع.
قد تتجه الأقلام نحو المرأة، وتكتب عن المساواة، وقد يصعد سلم الشهرة، من يساند بإسم المرؤة، ذوى الإعاقة، لكي يستقطب المشاعر، المحاطة بالدموع، لأجل الفوز بجائزة أو درع ، لكن الأصعب من سرد الواقع، أو التحصن وراء مواقع الماضي،(مخاطبة المستحيل)، وإدراك حقيقة قد دونها، فى الاحشاء طفل، وهو يتأثر بالأمل والتفاؤل ، أو الحزن و وهن المشاعر، ستقرأ تلك الأفكار والذكريات، ذات يوم على أنها مذكرات تحليلية، صاغها ببراعة أطفال رضع، انصتوا وتاثروا لما لما يحدث خارج، مركز الإمداد والتموين (الحبل السري)، ثم دونوا لعلماء العصر، من داخل غشاء يحوي السكينة، ما نظن أنه محال، ومن ثم تمكنوا من خطاب عقول، من هم على شاكلتهم تلكموا الصغار، ومن تجاوز مرحلة النضج، بلا شك أو جدال. وهذه التجربة الفريدة، التي تسهم بشكل جيد فى بناء وعى طفولي، عبر تقديم سلسلة حلقية(مذكرات رضيع)،تعد إنجازا فسيلوجي ، واستحداث لنظرية مصرية جديدة، عن كيفية تأثير العوامل الدنيوية الخارجية، على تكوين شخصية طفلك وهو جنين، بين ظلمات تغشاها الرحمة، وصاحبة السبق الأول فى هذا المجال، سعادة الدكتورة (إيمان محمد طلعت العيسوي)، الحاصلة على درجة الدكتوراة البحثية فى القيادة الأخلاقية،(كمدخل لتغير ثقافة الدور للعاملين بالإدارة التعليمية). و مما لا ريب فيه، اقدامها على إبراز فكرة المحافظة، على سلوكيات الجنين، قبل تقنية تعليمه بعد مجيئة للدنيا، وإدخال فن القيادة الأخلاقية، عبر زيادة إفرازات الإدارة بالحب، فى غدد الوقت الصماء. و اتجهت خبيرة اللغة الإنجليزية، و ممارس عام منهج مونتسورى، إلى إتباع حيلة مشروعة، لتفهم مدى طبيعة العلاقة الأسرية، والاجتماعية والثقافية التي يكتسبها الطفل، ويتاثر بها فى مجالات الحياة، استفتحت بسلاسة الكلمة، وسلامة النية، مقدمة إحدى مؤلفاتها، و فحوى قولها، (أطفالنا اليوم هم السند، و عكاز الغد).
و ربما خبرتها بمجال التربية والتعليم، ودراستها ماجستير (إدارة تعليمية)، جعل لديها حس تعليمي بنكهة فن القيادة، إضافة إلى توثيقها الأحداث، مع الحفاظ على خصوصية الطلبة، بطريقة مبتكرة تحت إمرة ولواء، (ومضات حياتية تنير طريقنا من أجل أبنائنا). هذه الإطلالة التجريبية، ليست مجرد حكاية سطحية، بل هو استقطاب علمي، عبر آليات بحثية لمتمرسة، حاصلة على (دبلوم القيادة التربوية من الجامعة الأمريكية)، استطاعت استحضار ماحدث فى الماضي، من ذاكرة الطفل الرضيع، وهو يحدث غيره ، أو يذكر نفسه، بما قبل ولادته، وكيف تأثر لديه الإدراك، وهو لم يزل فى نطاق محدودة الحراك ، استطاعت خبيرة الطفولة ، استرجاع الملفات المخزنة، فى ذاكرة الرضيع، والتى تشبع وجدانه النفسي، بالصور السلبية والإيجابية، التي انصت إليها حال الفزع والخوف، أو سكينة النفس.
لقد صورت الدكتوره، إيمان العيسوي(مسؤول تدريب المعلمين، بإدارة مصر الجديدة التعليمية) الدمج مابين المحال تحقيقه، والواقع الذي نعيشه، صنفت المدرب الدولي المعتمد، من أكاديمية الدكتور عادل عامر، للعلوم الطبية والثقافة الصحية بمصر، حياة ما قبل التفاعل الحقيقي للجنين بالحياة، ثم تناولت فى أبواب متفرقة، مشاكل الطفولة المتأخرة، والقت محاضرات تسطر فى مجال التدريب والتثقيف، بمداد الزعفران الأحمر ، مثل (الرضيع يتحدث، تناغم الأجيال)، وحين ننصت إلى صوت الطفل، الذي يحاكي غيره، بدور الناصح الأمين، عن ذكريات ما قبل الولادة.
تخيلوا معنا ذاك الطفل الذي يضحك ويبكي، فى أحشاء أمه، ثم يتأصل فى عقيدته شىء من الخوف، و يفزع لقلق أمه، وانقباض صدرها من لكمة فى الوجه، فيولد موجوع بالألم، لقد جسدت( عضو مجلس إدارة جمعية العيساوية الخيرية للتكافل الاجتماعي) صراخ الطفل قبل الولادة، ومن ثم مدي تأثر مستقبله ، بالاحداث التي كان يشعر بها فى رحاب أمه. أسست الدكتوره ايمان العيسوي، إحدى فصول التربية فى علم النفس الحديث، التي استطاعت من خلاله، أن تعطي تنبيهات للأسرة، بأن ما يحدث من شجار بين الأبوين، و ما تمر به سحابة الحياة الخاصة، من أوقات عصيبة ومرعبة، ينصت إليها الطفل الذي يضحك ويبكي، فى بعض المواقف بلا سبب، لكن بلا ريب حاسة السمع، لدى الجنين داخل جدار لم يتخلله عتمه أو ضوء ، بل رحمة واسعة، أفسح من بقاع الأرض. السرد والخيال ، يتعلقا بحبال ممتدة، وبصوت دافئ، ننصت إلى مذكرات رضيع، نتفهم مدى تأثير وقوع الضرر الحسي ، مستقبلاً على عملية التركيز، لقد نجحت بجدارة، فى الوصف التفصيلي، لحياة التعامل الافتراضي للجنين مع الدنيا، و حياة واقع الطفل في مراحل العمر المختلفة.
لقد و ضعت وكيلة الأنشطة الطلابية، فكرة (نحن فى عيونهم،و خواطر موني) وبين صفحات المؤلف، نرى الوجه الآخر لعلم النفس، استطاعت تلك الدرة، منسقة مهرجان المرأة الصعيدية بمركز (إسنا بالأقصر)، من خلال المبادرات المعنية بالشأن النسائي، أن تزرع فيهم ثقافة المواجهة ،فى عتمة الدرب الخاوية ، وتمضي الأحداث دون خوف. لقد انجبت مصر المحروسة، من ثرى الصعيد ، أمل يتدفق يطرح الورد بين جنبات الطريق.
إن ملكة بحوث الفعل، والتي شاركت في ملتقيات المبادرة الرئاسية (بداية)، أحدثت ثورة في كيفية إتقان فن اجادة التعامل، مع الطفولة المتأخرة، فشاركت فى برنامج سلم نفسك، وعلى أثر ذلك الجهد، وذاك الصبر، لإبراز جمال هذا العالم، ثمنت جهودها مديرية التربية والتعليم بمحافظة القاهرة، فكانت العاقبة التكريم للمتفوقين.
من تستطيع عبر (مذكرات رضيع) أن توسس فى العصر الحديث، سيكولوجية الجنين، تستحق نوبل للسلام، مثل المقاتل النبيل فى ساحة النزال. الصوت الذي يحاكي المستحيل، هو الحلم الذي طرح الأمل، فى روح كل طفل، اعتمدت الدكتوره إيمان العيسوي على أسلوب، استماع الشكوي بهدوء، ومن ثم احتفظت بحق الرد، بما يناسب عقلية الطفل، وفى تبوببها لكتاب نحن فى عيونهم، احترمت فطرة الطفل، واحترفت الرد ممهور بنبرة الاقناع، وطرحت لنا فكرة (الطفلة موني) الفاحصة لكل تصرف، يصدر عن الآخرين بعين الترقب والتأمل، فجاءت أفضل مناظرة تربوية (عرفت بين المعلمة والطفلة) على مدار التاريخ، ومن هنا استطاعت حفيدة العيسوية ، أن تبني جسور التواصل الإجتماعي ، والثقة المتبادلة، بين مربي الأجيال ، وطالب العلم ، حدثتها موني عن الخوف من الفشل، والخوف من العقاب والغضب، ولم يكن رد المدربة الدولية، عابراً قط، بل علق فى أذهان هذه الطفلة للأبد، ومن ثم بات هذا الكتاب، مرجعاً ضرورياً لمخاطبة النشء، لما امتازت به جملة السلسة بعفوية السائل، وسلامة قلب اللغة الحوارية، لمن أراد تقديم النصح، بطريقة صحيحة وتطبيقية، قد جاءت نتاج خبرة تجاوزت الربع قرن. و مما لا شك فيه أن الدكتورة (إيمان العيسوي) اتبعت فن التعامل، عبر أدوات المائدة الأخلاقية، وكأنها استحدثت للتاريخ فن الرسم داخل إطار كتابها (القيادة الأخلاقية)، وواجهت بكل بسالة، كل المشاكل المتعلقة، بالعملية التعليمية، وما يخص شؤون الطفل، وتطرقت بأسلوب مهذب، لأزمة منتصف العمر، وكيفية التخلص من الحزن العميق، واحترام الحنين إلى الماضي.
إنها (ملكة الومضات، التي تنير درب الطريق لفلذات الاكباد)، اكتسبت شهرة واسعة، فى فن الإدارة بالحب، ونالت مديرة مدارس اللغات الأجنبية،ثقة قيادات سبع إدارات تربوية وتعليمية، على مدار أكثر من عقدين من الزمن ، لتكن مؤلفاتها إمتداد لرسل التفاوض بالحب، وصاحبة نظرية إعادة الهيكلة الإدارية بالتفاوض دون العنف، فقد قدمت منهجية البحث، ملتحمة بفن عمارة الأخلاق.
وربما فلاسفة اليونان لهم السبق، في وضع الأسس الجادة للتفكير الأخلاقي، إلا أن مصر هى من شرعت وسنت، قوانين لغة الحوار التفاوضية، عبر القيادة الأخلاقية، و بزغ فى هذا المجال نجمتي عضال، أولاهما ( الدكتورة/ منال محمود إمام الفرا ) المؤرخة والكاتبة المصرية، التي تحدثت فى المجالات الشرطية والسياسية، بتوثيق للأحداث ، عبر أدوات الإبداع والابتكار، وافردت مؤلفات عن التفاوض ، وتفاصيل الإدارة بالحب ، ولم ينقطع مدار الفلك، فمضت على نفس المنوال ، تصوب ما استوطن زوايا الخطأ، وبواطن العقول، ومن ثم أخذت الدكتورة/ إيمان العيسوي، على عاتقها المسؤولية الأخلاقية، بالتزاماتها داخل الفرد، وهو يباشر مهامه باستراتيجية تحترم العقل، ومادام الحديث يتعلق بتربية الأجيال، استوجب الحال إعطاء نبذة متصلة السياق، عن أداة همزة الوصل (الإدارة التعليمية) والتي تعد أداة لإنفاذ السياسة العليا، مع المتابعة المستمرة، لتحقيق الأهداف المرجوة، استطاعت أن تفند لنا الفرق، بين الثقافة الاجتماعية والقيادة التعليمية، كأن الشمس تشرق من جديد، بعلامة تربوية، فرقت بحرفية، بين تعريفات النمط القيادي مثل (المسيطر ، والحذر)، إلا أن المسؤولية الأخلاقية، تعد إلزام إجباري على عاتق الجميع، ورغم اختلاف العلماء، حول مدى استيعاب الشخصيات لفن القيادة، إلا أن رواد النظرية السلوكية مثل (سكنر ) قد ربطوا تحقيق العدل بالسعادة ، وكلاهما وجها لعملة فن القيادة، لكن وإن اختلفت المسميات، سواء اتسم القائد، باتباع النهج الديمقراطي، أو المنهج اللامركزي، محاورا كان أو منطقي، إلا أن النتيجة يجب أن تتخلى عن أنانية القيادة، وتتسم خصال القائد بالنزاهة والشفافية ، كعائد لفضيلة النفعية، وليكن الأمر فى جوهره استحسان (نظرية ليبرنزر) لتبني فكرة محو عدم التناقضات. اللوم والعتاب المستمر، يجعل الطفل، يتاكل داخلياً، يعيش حالة من التمرد، وهو ما دعي الكاتبة، إلى الدخول في حالة تأمل، فدعت إلى تربية النشء عبر مراسيل التربية بالحب، وزع طاقة الإبتسامة، إلى جوار ثمرة الأخلاق الحميدة، لتكتمل معادلة البناء، حين ينظر إلينا من كان فى المهد، أننا نهيىء أبناءنا على السمو و الارتقاء، و لا سيما الانصاف، ليكتمل نصاب عدل التواضع، لتكن الثقافة السائدة، المشجعة على الابتكار، هى تبادل الخبرات و الأدوار ، وأن التربية الفكرية، تعد وسادة الضمير الحي ، و آليات ضبط النفس، و غذاء للروح، مما يجعل شخصية المرء، بعيدة كل البعد عن الانفصام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى