(٣٠) رضاء الأحمق
بقلم المستشار// حمدى بهاء الدين
من العجيب أن يرضى الأحمق بالأشياء المنقوصة ، أن يقبل بالعجز ، أن يرى فى النقص اكتمال ، أن يرضى بالوضع المقلوب ، أن يسعي إلى إرضاء طرف لا يمنحه شىء سواء لعجز أو عطب أو جهل أو عند أو كره أو رفض فى العموم ، أن يلوم نفسه ويعاتبها دون مبرر ، أن يؤنبه ضميره على أخطاء كان مرغما عليها مدفوعا إليها بلا إرادة لحرمان تجذر عن عمد أو عدم إشباع مقصود ، أن يرضى بدور المذنب فى حكاية غير محبوكة ، أن يضع القضبان فى يديه طواعية واختيارا بلا جريمة أو ذنب ، أن يدفع ثمن أخطاء الطرف الآخر ظنا أن الآخر يرضي عنه ويقبل به ما دام فعل ذلك ، أن يغفر بلا إعتراف بالجرم ويسامح بلا إقرار بالذنب ، أن يقبل بالكذب وهو على يقين أن كل شىء ملفق ومزيف ، من الحمق أن يجعل نفسه دوما محل شك وفى مرمي نيران الإتهامات الباطلة ، ويضع نفسه دوما تحت مقصلة التبرير ، أن يكون الآخر هو الأجمل فى عينيه والأطهر بلا ذنوب أو خطايا فى يقينه ويراه الآخر الأسوأ بين البشر ، أن يثق بلا أمارات ، أن يسير مثل الأعمى أو المغيب أو المسحور خلف مشاعر تنتقص من قدره وتهدر كرامته ، أن يدمن التنازل تلو الآخر ظنا منه أن التنازل سيفتح طريق الوصل بينه وبين الآخر وهو لا يعلم أن التنازل بئر بلا قاع ولا يدرك أن من تعود على الأخذ لا يمكن أن يمنح فى يوم ما ولا يفهم أن االتوسل مذلة وإهانة للنفس وكسرا للخاطر وأن لا شىء يستحق فى هذه الحياة أن يريق الإنسان ماء وجهه لأجل مشاعر كاذبة غير موثوقة ، من العجب أنه لا يتعلم من تجاربه وينكر ما هو ثابت بالضرورة ويؤمن بما هو وهم وكأنه منفصل عن الواقع ، يتخلى عمن يتمسك به ويسعى إلى من يرفضه ويتمنع عمن يطلبه ويسعى إليه بلا غاية سوى أنه يحبه ويرغبه ، يضحى لأجل من لا يستحق ، دوما فى ضبابية من الرضاء الأحمق
# بقلم حمدى بهاء الدين
