رسالة دكتوراه توصي بإنشاء نظام قضائي خاص لحماية الآثار والثراث المصري
بعد تكرار سرقاتها..
كتب ـ محمد رضوان
أوصت دراسة علمية جديدة بإنشاء نظام قضائي خاص ومحاكم خاصة بقضايا سرقات الآثار في مصر، و تطوير التشريعات المتعلقة بحمايتها فلا تسقط جرائم سرقتها بالتقادم طبقا للمعايير الدولية، مع تضمينها عقوبات رادعة ضد المخالفين والاتجار غير المشروع بالآثار أو التعدي عليها. ومنحت كلية الحقوق بجامعة المنوفية مساء أمس، درجة الدكتوراه بامتياز في القانون العام للباحثة فريدة ممدوح السيد حسين عن رسالتها “الحماية الدستورية والإدارية للآثار والتراث الوطني في مواجهة تحديات الواقع.. دراسة مقارنة”، موصية بتشديد الرقابة والتفتيش على المواقع الأثرية، وتطوير أنظمة الإنذار المبكر، وتطبيق أحدث التقنيات في مجال الحماية الأمنية، وإنشاء نظام قضائي لحماية التراث الأثري، ينص بصورةٍ خاصة على تحرير قائمة جرد بالممتلكات الأثرية وإدارتها، وتصنيف المعالم أو المناطق المحمية، وكذا إنشاء محميات أثرية من أجل الحفاظ على المواد التي ستقوم بدراستها الأجيال المستقبلية، وتنظيم الاكتشافات العرضية.
كما أوصت بتجميع كل القواعد القانونية المتعلقة بالآثار والتراث الوطني في قانون موحد منعاً لتضارب هذه القواعد أو تعارضها مع بعضها، وتخصيص مادة أو أكثر في قانون العقوبات لتجريم الاعتداء على الآثار وليس فقط هدمها أو إتلافها وإنما يشمل التجريم مجرد القيام بمحاولة تشويه الآثار أو تعريضها لمخاطر، وتغليظ العقوبة لتصل إلى السجن المؤبد والغرامة بمبالغ كبيرة، مع ضرورة تعرض القانون لجريمة نقل الأثر من مكانه أو تحريكه أو اقتطاع أجزاء منه إذا كان قابلاً للتجزئة أو كان من المنقولات كالمشغولات الذهبية الفرعونية الموجودة في المتاحف، كحالة الإسورة الفرعونية المسروقة مؤخرا، مع تحقيق الاستفادة القصوى من التكنولوجيا الحديثة في مجال الحفاظ على الآثار والتراث، مثل استخدام أنظمة المعلومات الجغرافية والتصوير الجوي والطباعة ثلاثية الأبعاد، وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي.
كما أوصت بمنح مفتشي الآثار صفة الضبطية القضائية، وتسريع نظر قضايا سرقة الآثار، وتفعيل التعاون الدولي في هذا الخصوص، وإنشاء كليات للآثار في جامعات مصر المتعددة.
تشكلت لجنة المناقشة والحكم من لجنة المناقشة والحكم من الدكتور منصور محمد أحمد أستاذ القانون العام وعميد كلية الحقوق بجامعة المنوفية (رئيساً)، والدكتور عبد المنعم عبد الحميد شرف أستاذ القانون العام ووكيل كلية الحقوق بجامعة المنوفية مشرفا وعضوا، والدكتور عبد الله حنفي عبد العزيز خليفة أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بجامعة المنوفية مشرفا وعضوا، والدكتورة ماجدة عبد الشافي منصور
أستاذ القانون العام المساعد، ورئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق بجامعة بنها عضوا مناقشا من الخارج.
اتفقت اللجنة على أن أهمية الرسالة العلمية للباحثة فريدة ممدوح تكمن في كون حماية الآثار والتراث الثقافي الوطني من النهب، والاعتداء، والانتهاكات الأخرى تُشكل هدفاً رئيساً وأصيلاً من أهداف الضبط الإداري، وعنصراً أساسياً من عناصر النظام العام من جهة، ومدى ارتباط عناصر النظام العام مع بعضها البعض من جهةٍ أخرى، ما يتطلب البحث في هذه الحماية من الناحية القانونية، وفقاً للتشريع المصري، والتشريعات والقوانين الخاصة الداخلية للدول محل الدراسة، والحماية الدولية لتلك الممتلكات وفقاً لما جاء في الاتفاقيات الدولي، كما تتجلى أهمية الدراسة في التعرف على نقاط القوة والضعف والالتقاء والاختلاف بين القانون المصري وقوانين الدول المُقارنة فيما يخص الحماية الدستورية والإدارية للآثار والتراث الوطني، وبيان مدى التزام الدول محل الدراسة في تشريعاتها الداخلية، ومدى وفائها بالتزاماتها الدولية بموجب الاتفاقيات والمواثيق الدولية، وكذا بيان إمكانية الدول المُعتدى على آثارها وممتلكاتها الثقافية من اللجوء للقضاء الدولي لاسترداد آثارها وممتلكاتها الثقافية، وذلك تطبيقاً لقواعد القانون الدولي ذات الصلة.
تقول الباحثة فريدة ممدوح في رسالتها : إن الآثار والتراث الوطني يمثلان هوية الأمة وجذورها، وهي جزء لا يتجزأ من الوعي الوطني، وتعتبر الآثار والتراث الوطني من أهم مقومات السياحة، مما يساهم في تنمية الاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل، كما تُساهم الآثار في إثراء الحضارة الإنسانية، وهي جزء من التراث العالمي المشترك.
وتؤثر التغيرات المناخية سلبًا على الآثار والتراث الوطني، مثل ارتفاع مستوى سطح البحر والتصحر، كما يؤدي التوسع العمراني إلى تدمير العديد من المواقع الأثرية والتراثية، فيما تتعرض الآثار والتراث الوطني للتدمير خلال الحروب والصراعات المسلحة.
وتضيف الباحثة : ويعتبر النهب والتهريب من أخطر التهديدات التي تواجه الآثار والتراث الوطني، وقامت العديد الدول بسن التشريعات والقوانين الصارمة التي تعاقب على الاعتداء على الآثار والتراث الوطني ومنها مصر، كما تم تخصيص مناطق محمية حول المواقع الأثرية والتراثية لحمايتها من التعديات، وتقوم مصر والعديد من الدول بتنظيم حملات توعية بأهمية الحفاظ على الآثار والتراث الوطني، كما تتعاون العديد من الدول والمنظمات الدولية لحماية التراث العالمي، و تستعين العديد من الدول بالتكنولوجيا الحديثة في حماية الآثار والتراث الوطني، مثل نظم المراقبة عن بُعد والتصوير الجوي.
وأكدت ضمن توصياتها حاجة الآثار عند حمايتها إلى تفعيل التعاون الدولي في استرداد المنهوب والمهرب منها للخارج، وإنشاء نظام قضائي خاص ومحاكم خاصة تحقق العدالة الناجزة وتصدر الأحكام السريعة المتيقنة المبنية على قانون جديد رادع للصوص وجرائم سرقات الآثار والتراث.