السيرة الذاتية

وداعا رجلا بحجم قبيلة .. ومكتبة للتراث لم توثق

رحيل الحاج على سالم بولطرش لحضيرى

كتب ـ أبوالفتوح البرعصى :
رئيس شعبةأدب البادية والتراث الشعبى باتحاد كتاب مصر .
نعم الموت حق وهى فاجعة الفقد الكبيرة ويعانى الأهل والأحباب ألم الفراق والكل سيفنى مهما طال العمر ويبقى الحى الذى لايموت .وحول الموت حدثنا كثيرا بهذه العبارة (نحن جميعا واقفين فى طابور الإنتظار واللى يطيب رحيله يرحل )
نعم هذه بعض كلمات شيخ العرب الحاج على سالم بولطرش لحضيرى الذى فقدناه اليوم ونودع جثمانه الطاهر إلى مثواه الأخير فى ثرى جبانة سيدى عبدالخالق بالسريره .
نعم فقدت اليوم الرجل الذى كان بمثابة الأب والعم والخال بالنسبة لى . ولما لا وهو الرفيق والصديق الصدوق لوالدى الحاج مساعد رحمة الله عليه وعندما نزوره ونجلس معه أنا وأخى خليل وعبدالسلام نستحضر روح وسمات والدنا من خلال حكاياته التى لاتنقطع أبدا عن أيامهم والشباب والصبا ورحلاتهم والسفر المتعدد إلى ليبيا وأيام وليالى الغربة التى تكشف معادن الرجال وكلما تحدث وأسترسل فى الحديث وأستغرق فى الذكريات أغرورقت عيناه بالدموع تأثرا فيأخذنا فى حالة الصفاء مع النفس وحضور الأحبة نعم هى جلسة لطرد الطاقة السلبية تؤهلك نفسيا لإستقبال يوما جديدا ولكن بطاقة إيجابية وحالة من الرضا تحتويك .
ولذا كنت حريصا جدا على زيارته والجلوس معه لساعات طوال انابشه لإستخراج مالديه من كنوز تراثية أشعار وحكم وأمثال وحكايات من الزمن الجميل والصحراء واسرارها وتعريف أصول البيوت والعائلات والقبائل ورحلات صيد الطيور وتربية الخيول والابل والعادات والتقاليد الخاصة بدورة حياة الإنسان( الميلاد والطهور والخطبة والحنة والزفاف والعلاقات الأ نسانية والقيم والتكافل الإجتماعى فى المأتم والأفراح والزفاف ولم الشمل بالمجالس العرفية . وفنون الحضرة . وعنده من القناعة ومعرفة أمور الدين والحكمة الكثير فهو خريج الكتاتيب ومدرسة الحياة سجلت معه البعض منها ولكن فقدت هاتفى الذى يحتوى على تلك المادة الثرية من الأدب الشفاهى والمعانى السامية من تراثنا الشعبى الأصيل كنت أعد نفسى للسفر للمنيا قريبا واللقيا معه لجمع مادة علمية حول تراثنا وبادية عروس الصعيد فهو يمتلك مكتبة وصندوقا لاسرار التراث يحتوى على الف كتاب وكتاب . وكان موعدنا معه ليفتح لنا رواق الشاعر إبراهيم بوسوكاية الفاخرى هذا الرواق الذى يمتلك فيه مكنز تراثى ثرى حول شخصية الشاعر ومواقفه وحكاياته التى لايعرفها عنه الكثير وأقواله الشعرية فى المدح والهجاء والسخرية والكوميديا لكى ننهل مما لديه من مخزون حول سيرته ومسيرته والتى يمتلك منها الكثير والكثير. ومنها ماقاله فى حق والده سالم بولطرش لحضيرى .
باتك ياعلى يرقا يرقا . سعداوى أمقنقن من سعادى برقا
تلقاه فارش دكته وحصيره .فى بيت عالى سكته من شرقا .
فى منشية الذهب ماريت والى كيفه . لاشيخ لاعمده شعاعه يرقا .
ولكن القدر لم يمهلنا لكى نوثق هذه المادة الخصبة فى بحثنا والميدان من واقع المعايشة الحياتية والتجربة معه وفارقنا اليوم فجأة وبكل مالدية من كنوز تراثية ومعارف وتجارب حياتية ليس لها حدود .
. ولذا تجدنى اليوم حزينا لفراق هذا الرجل لكونه من رجال الزمن الجميل الذين يتصفون بالكرم والجود ويمتلكون فصاحة الرد وفن الحكى وتقدير الأمور وقول الحق فى قضايا الفصل بين المتخاصمين فى المجالس العرفية .
اللهم بفضل كل هذه الصفات الحميدة وأنت الحميد الكريم أن تكرم ضيافته الليلة وأن تفسح له فى قبره مد بصره وان تغسله بالماء والثلج والبرد وتباعد بينه وبين خطاياه كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم إن كان محسنا فزد فى إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته اللهم أغفر له وأرحمه وأسكنه فى فسيح جناتك مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا بالفردوس الأعلى من الجنة .إن شاءالله
خالص تعازينا لصديقنا الأستاذ طه على سالم مدير الشؤون المالية بفرع ثقافة المنيا وأخيه هشام على بشركة مياه الشرب بالمنيا وأهلهم وذويهم وعائلة الأطرش وقبيلة لحضيرات بمنشية الذهب البحرية والقبلية وكل مراكز المنيا والحضيرات فى مصر وليبيا . ولانقول إلا مايرضى ربنا سبحانه وتعالى (إنا لله وإنا إليه راجعون ) . وعزانا واحد .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى