المشاهير والمهرجانات

الإنسان بين الضغط والتوازن… معركة العصر الحديث

بقلم / د. رضا علي عطية

 

نعيش اليوم في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتضاعف فيه المسؤوليات، حتى أصبح الإنسان المعاصر يواجه ضغوطًا نفسية لم يعرفها من قبل. التكنولوجيا سهّلت الحياة من جهة، لكنها زادت التوتر من جهة أخرى، فصار العقل دائم الانشغال، والجسد في حالة استنفار، والروح تبحث عن مساحة أمان.

 

في ظل هذا الواقع، تظهر أهمية التوازن النفسي كقوة داخلية تمنح الإنسان القدرة على الاستمرار دون أن يفقد ذاته.

الوعي هنا ليس رفاهية، بل ضرورة للبقاء. أن تتوقف قليلًا لتراجع نفسك، أن تُدرك مشاعرك قبل أن تتحول إلى غضب أو اكتئاب، أن تعرف متى تقول “كفى” ومتى تبدأ من جديد… تلك هي الحكمة التي يصنعها الوعي الذاتي والعلاج المعرفي السلوكي.

 

لقد علّمتني تجربتي في مجال التدريب والإرشاد أن أقوى الأشخاص ليسوا من لا يتأثرون، بل من يفهمون أنفسهم جيدًا.

من يملكون المرونة للتأقلم، والقدرة على تحويل الألم إلى طاقة، والإخفاق إلى دافع للنجاح.

وهنا يأتي دور علم النفس الإيجابي الذي يُعيد توجيه البوصلة نحو ما هو ممكن بدلًا من التركيز على ما هو مفقود.

 

إن تمكين الإنسان من مهارات الحياة لا يعني أن نمنحه حلولًا جاهزة، بل أن نساعده على اكتشاف قوته الداخلية، وأن يبني لنفسه توازنًا بين طموحه وراحته، بين العمل والراحة، بين العطاء والاهتمام بالنفس.

 

في النهاية، المعركة الحقيقية ليست مع الظروف، بل مع إدارتنا لها.

فمن يُدير نفسه بوعي، يعيش بسلام… ومن يُهملها، تبتلعه دوامة الحياة دون أن يشعر.

الوعي النفسي لم يعُد رفاهية، بل هو سلاح هذا العصر لمواجهة ضغوطه وتحقيق التوازن الإنساني الحقيقي.

 

✳️ بقلم / د. رضا علي عطية

أخصائي علم النفس الإيجابي – خبير التحالف العربي – أخصائي علاج معرفي سلوكي – مدرب مهارات حياتية – لايف كوتش علاقات دولي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى