(٦٠) إعتراف الأحمق
بقلم حمدى بهاء الدين
مع أنه رجل أحمق جاء اعترافه بالذنب وإقراره بالخطأ وتعهده بالتوبة والإنابة والاصلاح ومع ذلك لم يسلم من اللوم والتوبيخ والطعن ووصفه بأسوأ الاوصاف وكأنه شيطان لا سبيل للعفو عنه ولا عذر ولا اعتذار مقبول منه وكأنه ليس بشر يصيب ويخطئ وكأنه وحده المسؤول عن كل ما جرى دون مراعاة للظروف وأنكر الجميع ما كان منهم ووصفوا أنفسهم بالكمال وكأنهم ملائكة لا يأتيهم الباطل من بين يديهم أو من خلفهم ونسبوا إلى أنفسهم الوفاء المطلق والإخلاص المطلق والتضحية فى أعظم صورة وكأنه لم يمنح شئ ولم يكن له ثمة فضل بل كان سبب الحزن والألم وكل ما هو سيئ لحق بهم فى الماضى
ولأنه رجل أحمق ما كان ليكتشف ضعفه وهشاشته النفسية إلا متأخر جدا ، لم يكن يتحسب لتلك اللحظة ، لم يكن يظن أنه لا شىء ، أنه بلا قيمة ، أنه كان مؤقت وحان الأوان للتخلص منه ، حان الأوان لرحيله ، لقد انتهت مهمته بعد سقطته ونزوته دون تمكينه من سماع حجته لأن كل ما يقوله من مبررات لا ثقة لهم فيها فهى فى يقينهم مبررات مكذوبة محاولة منه للإفلات من العقاب متناسين أنه مجرد رجل أحمق ، مجرد بشر من بنى آدم وكل بنى آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ومن هنا قرارهم طرده من الجنة وحكموا عليه حكما باتا غير قابل للطعن
– ولأنه رجل أحمق أغمض بصره عمن يهتم لأمره ويشغله حاله ويتألم لألمه وينزف لنزفه ، أغمض عينه عمن مد له طوق النجاة من قبيل الإنسانية بلا غاية أو غرض سوى إنقاذ إنسان يغرق ، إنسان تائب عاد إليه صوابه بعد غيبوبة أفسدت عليه بعض من حياته وكادت أن تودى بتاريخه الذى حفره فى ذاكرة الغريب قبل القريب
– ولأنه رجل أحمق ما زال بقلبه بصيص نور إيمانا بالله تعالى الذى يملك الأمر بين الكاف والنون يقول للشئ كن فيكون لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا بعدما اعترف وتاب وأناب
# بقلم حمدى بهاء الدين