في كل بيت حكاية بطولة.. والبطلة دايمًا ست مصرية

كتب: هانى سليم
في قلب كل بيت مصري حكاية بطلة لا يعرفها الإعلام ولا تلتقطها عدسات الكاميرات.
بطلة تواجه كل صباح معارك الحياة بصمت، تحمل الهم بابتسامة، وتخفي التعب خلف كلمة “الحمد لله”.
هي الست المصرية.. صانعة الأمان، وعمود البيت، وسند الوطن الحقيقي وقت الشدة.
امرأة من ذهب.. تتحمل ولا تشتكي
لم تكن المرأة المصرية يومًا بعيدة عن خط الدفاع الأول في مواجهة أزمات الحياة.
من أيام الجدات اللي كنّ يقفن في صفوف الخبز ويزرعن الأرض بأيديهن،
إلى الأمهات العاملات اليوم اللي يصحين قبل الفجر، يجهزن الإفطار، ويجرين وراء المواصلات علشان يوصّلوا أولادهم المدارس،
ثم يذهبن لأعمالهن ويعدن في المساء ليكملن رحلة العطاء داخل البيت.
الست المصرية تتحمل بصبرٍ عجيب، لا تتذمر، ولا تنتظر المقابل،
تُوازن بين العمل والبيت، بين ضغوط المعيشة وتربية الأبناء،
وتظل رغم كل ذلك حريصة على أن يظل البيت دافئًا والضحكة موجودة.
من التضحية إلى القيادة
ليست مجرد “زوجة وأم”، بل قائدة صغيرة تدير شؤون بيتها بحكمة توازي عقل المؤسسات.
تضع الميزانية الشهرية بحساب دقيق،
تدير الأزمات وتجد الحلول،
تواسي الزوج في الضيق، وتزرع في أولادها الأمل مهما كانت الظروف صعبة.
هي التي تعلم معنى الكرامة، وتزرع في أولادها أن “الرضا هو الغنى الحقيقي”،
وتحافظ على تماسك البيت كأنها تحافظ على وطنها الصغير.
ولهذا لم يكن غريبًا أن يقول المصريون دائمًا:
“ورا كل راجل عظيم ست عظيمة”
لكن الحقيقة الأصدق أن ورا كل بيت قائم ست مصرية.
صوتها في التنمية.. وحضورها في الميدان
الدولة المصرية أدركت مبكرًا أن تمكين المرأة ليس رفاهية، بل ضرورة لبناء المستقبل.
فاليوم نرى المرأة المصرية تتصدر مواقع القيادة في الحكومة والبرلمان،
وتشارك في التنمية المجتمعية من خلال مشروعات صغيرة ومتوسطة،
بل وتتحمل مسؤولية إعالة ملايين الأسر بعد فقدان العائل أو غيابه.
برامج مثل تكافل وكرامة، ومبادرات دعم المرأة المعيلة،
جاءت لتؤكد أن الدولة تؤمن بدورها، وتعمل على تمكينها اقتصاديًا واجتماعيًا.
لكن رغم كل الدعم، تبقى الست المصرية رمزًا للعزيمة الفطرية،
اللي لا تنتظر مساعدة كي تنهض، بل تنهض لأنها لا تعرف طريقًا آخر سوى الصمود.
تحت ضغوط الحياة.. تبتسم
في زمن تتكاثر فيه الأعباء، وتزيد الأسعار، وتُرهق التفاصيل،
ما زالت الست المصرية قادرة على أن تزرع الفرحة في بيتها،
تحتفل بعيد ميلاد بسيط، وتضحك من قلبها على كوب شاي وذكريات قديمة.
تُجيد فن “التجمّل” رغم الألم،
وتعلّم أبناءها أن “الحياة ما بتقفش”، وأن “اللي جاي أحسن بإذن الله”.
إنها لا تمتلك عصا سحرية، لكنها تمتلك إيمانًا عميقًا بالله وقدرته،
وهذا الإيمان هو الذي يجعلها تقف كل مرة بعد كل سقوط،
وترفع رأسها لتقول: “أنا بخير، طول ما أولادي بخير”.
الست المصرية.. ضمير الوطن
حين نتحدث عن صمود المجتمع المصري في وجه الأزمات الاقتصادية،
علينا أن نتذكر دائمًا أن في الخلف ملايين الأمهات والزوجات
اللاتي يقمن بأدوار جبارة في إدارة الأسرة، وتربية الأجيال،
وصناعة التوازن الاجتماعي الذي يحمي مصر من الانهيار الأخلاقي والمعنوي.
الست المصرية ليست مجرد “نصف المجتمع”،
بل هي الروح اللي تحرك النصف الآخر،
هي من تزرع القيم، وتبني الرجال، وتعلّم البنات معنى الكبرياء في الحلال.
تبقى الست المصرية عنوانًا للأمل، ورمزًا للتحدي،
تتغير الأزمنة وتتعقد الظروف، لكنها تظل ثابتة كالهرم،
واقفة في وجه الرياح بابتسامة تقول:
“طول ما أنا بخير، البلد بخير.”
فكل التحية والتقدير لكل ست مصرية صنعت من التعب قصة نجاح،
ومن الصبر بطولة لا تُنسى،
ومن البيت البسيط وطنًا ينبض بالكرامة والحنان.



